لا تضيعوا وقتكم مع حماس
تحسر البيان المصري الرسمي أول من أمس على تضييع حماس لفرصة المصالحة الوطنية الفلسطينية بعد مقاطعة الحركة للحوار الوطني الفلسطيني في مصر، بالرغم من الجهود الشاقة والمضنية التي بذلتها القاهرة من أجله، بحسب البيان الصادر. لكن السؤال هو: وما الجديد في ذلك؟
هذه هي حماس، وهذا هو أسلوب قياداتها. حماس لم تف بوعد قطعته إلى الآن إلا لجهة إيران وسورية وإسرائيل. وهي لم تنتقد دمشق قط، وتسبح في فلك طهران، وتلتزم لتل أبيب بهدنة لم تأت بسلام، ولا هي حسنت أوضاع أهل غزة.
عدا عن ذلك أضاعت حماس فرصا كثيرة، ونكثت بأغلظ الأيمان في مكة المكرمة، وانقلبت على ذلك الاتفاق بالسلاح وشقت الصف الفلسطيني، ولا يعرف خالد مشعل العرب إلا عندما تبدأ الآلة العسكرية الإسرائيلية باستهداف رفاقه، فحينها يخرج لنا لابسا عمامة المفتي لائما العرب، ومذكرا بالويل والثبور.
سبق لحماس أن سوّفت فيما سمي وقتها بالمبادرة اليمنية، ولا تعجز الحركة الإخوانية عن إيجاد الأعذار، التي دائما تدور حول لوم السلطة الفلسطينية. ولم لا، فلا شيء يضير مشعل ورفاقه بالتنصل من الاتفاقيات والمواثيق التي تقطعها حماس للدول العربية، حيث لا أحد يحاسبهم على مصداقيتهم.
حماس لم تكن تفاوض في القاهرة بقدر ما كانت تشتري وقتا وتناور، وكل ما تريده الحركة هو محاولة تحسين صورتها في الشارع العربي. أما أعذار حماس بالقول إن هناك معتقلين في سجون السلطة فما هي إلا ذر للرماد في العيون.
وحتى لو كان الأمر صحيحا، كما تدعي حماس، أوليس من الأوجب مواجهة السلطة الفلسطينية بحضور المصريين، وحل باقي المشاكل العالقة؟ فالمفاوضات لا تتم عادة بين الأصدقاء، بل بين من لديهم مشاكل. وألا يكفي أن السلطة الفلسطينية توافق على الجلوس مع رفاق خالد مشعل على الرغم من أنهم قد انقلبوا على السلطة الشرعية بقوة السلاح!
حماس ومنذ بدأ تفاوضها مع المصريين في القاهرة كانت، وعلى لسان عدة مصادر من الحركة، تنادي بوسيط أجنبي غير المصريين، وذلك على غرار الوساطة الألمانية بين إسرائيل وحسامحك الله الله.
فمن خلال الوسيط الأجنبي تريد حماس الإخوانية شراء الوقت تماشيا مع سياسة الانبطاح الإيرانية المتبعة منذ ثلاثة أشهر، واتق الله ب بعد دولي يمنحها شرعية داخلية، وتحقق من خلاله اختراقا دوليا.
سمة حماس الدائمة هي الضياع وتضييع الفرص والتحلل من كل المواثيق العربية. وإطالة التفاوض مع حماس ما هو إلا تضييع للوقت، حيث أن الحركة قد اختارت قاربا آخر غير القارب العربي، وبالتالي فإن خطتها للنجاة مختلفة تماما عن الطريق العربي. فما تقوم به حماس ما هو إلا مجرد ابتزاز سياسي، حيث تلعب بين دمشق وطهران، وتهادن إسرائيل، ومن ثم تأتي لشرب الشاي والتسامر مع العرب.
ولذا فإن على العرب، وهذا هو الأجدى، عدم تضييع وقتهم مع حركة حماس الإخوانية، وإنما عليهم دعم الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية الشرعية. أبو مازن سياسي لم يرهن نفسه وقضيته لتجار القضايا في منطقتنا.