في ظلمة ليلٍ موحش حالك ، وفي إحدى المناطق النائية ، تقبع هذه المزرعة الصغيرة وراء تلةٍ موحشةٍ بعيدةٍ عن العمران ، يقطنها ويملكها عجوز متضعضع متهالك ، تساقطت أسنانه النخرة ، وجف جلده فوق عظمه
يعيش مع هذا العجوز زوجته الشمطاء ، ذات الشعر الأبيض الجاف ، محدودبة الظهر تستعين بالعصى لكي تتكئ عليها وتمشي ، إضافةً إلى مجموعة ٍ من حيوانات المزرعة
تتكون هذه الحيوانات من مجموعة أغنام ، وبقرتين ، وقن مليء بالدجاج ، وحمارين أحدهما أبيض سمين ، والآخر أسود قصير وضعيف البنية
آوى العجوز إلى فراشه باكراً كعادته دائما ، واستلقت بجواره زوجته العجوز ، وماهي إلا لحظات حتى سمع صوت غطيط العجوز المختلط بشخير الزوجة المتعبة
شكلا الصوتان سيمفونية غريبة من الألحان المرعبة
على يمين البيت غرفة خشبية مطلية بالقار الأسود يقطنها الحمارين المتعبين من عمل النهار كان الحمار الأبيض يلوك بتكاسلٍ برسيماً أخضر مائلاً إلى الصفرة بفعل حرارة الشمس
بينما كان رفيق دربه الحمار الأسود مشغولاً بحك ظهره إلى حائط الغرفة وهو منزعج للغاية متململاً في الحظيرة من التعب والضنك والقرف من صوت شخير العجوزين الذي كان يصل إلى أذنيه فقال مخاطباً رفيق دربه بغيظٍ شديد:
وبعدين مع هذا التعب والقرف ؟
الحمار الأبيض : إيش المشكلة ؟
الحمار الأسود : التعب يا أخي وإزعاج هذا العجوز لنا بالشخير الواحد مو عارف ينام
الحمار الأبيض : احمد الله على النعمة تراك في نعمة
الحمار الأسود : ماقلنا شي بس ماهي عيشة ، وبعدين وين النعمة هذه ؟
الحمار الأبيض : وش فيها عيشتنا نأكل ونشرب ونعمل
الحمار الأسود : يا أخي في أوربا وأمريكا الحمار لا يعمل
الحمار الأبيض : الأخ مثقف ولا شلون ؟
الحمار الأسود : عندهم جمعية لرعاية مصالحهم الخاصة والاهتمام الشخصي بالعلاج والنظافة والطعام بل وتوفير ( أتان ) جميلة جدا لكل حمار
الحمار الأبيض : لا أعتقد أن هذا الكلام صحيح ، البشر لا أمان لهم على الإطلاق وهم المخلوقات الوحيدة التي تقتل لأجل شهوة القتل ، وبعدين إيش قصدك بتوفير إتانٍ لكل حمار هل تدعو إلى إباحية لا أخلاقية ؟
الحمار الأسود : أنت حمار
الحمار الأبيض : احترم نفسك ولا تغلط لو تكرمت
الحمار الأسود : هل تشك أنك حمار يا حمار ؟
الحمار الأبيض : احترم نفسك ولا تغلط رجاء هناك حدود في النقاش لا تتجاوزها
الحمار الأسود : الشرهة مو عليك ، الشرهة على الذي يتبادل معك الآراء الفكرية والسياسية
الحمار الأبيض : الآراء الفكرية ما تكون بالشتم وقلة الأدب يا صاحب الأسلوب الحضاري
الحمار الأسود : شوف يا عزيزي أنا بعد تفكيرٍ عميق حسمت ترددي وقررت أن أغير وضعي إلى الأحسن ، ناوي أهاجر برة إلى أوربا أو أمريكا وفي أسوء الاحتمالات أهاجر إلى استراليا وهناك أحصل على الجنسية وأتزوج والدولة تصرف علي لا شغل ولا مشغلة
الحمار الأبيض : افعل مابدا لك ، لكن تذكر واحفظ عني هذه النصيحة من خرج من داره قل مقداره
مرت على هذه المحاورة عدة أشهر وهاهو الحمار الأسود يقلبها في ذاكرته وهو يمتطي ظهر سفينة أخشاب متجهة إلى دولة استراليا ، كان مسروراً مزهواً بنفسه يشم رائحة البحر المختلطة بأملاح اليود ويقول لنفسه : صحيح أنك حمار أيها الحمار الأبيض ، رضيت بالذل والمهانة والاسترقاق وسوف نرى من فينا الصح ؟
بعد عدة أيامٍ وصلت الباخرة إلى ميناء ملبورن باستراليا ، ونزل ركاب سفينة الأخشاب في مقدمتهم الحمار الأسود ، وما إن وصل إلى موظف الجوازات حتى صاح بأعلى صوته : أطلب حق اللجوء السياسي فأنا مضطهد في بلدي
على الفور تم اقتياد الحمار الأسود إلى المركز الخاص بطالبي اللجوء السياسي حيث أفردت له غرفة أقصد زريبة خاصة وضع فيها حاجياته ، ثم تمطى واسترخى وبدأ يدندن بصوته المنكر
قدم إليه طعام هزيل وأخضع إلى كشفٍ دقيق للتأكد من حالته الصحية والنفسية
في اليوم التالي اقتيد الحمار الأسود إلى مركز التحقيق ، أدخل على الضابط المختص بطلبات الهجرة واللجوء ، سحب الكرسي وجلس عليه واضعاً قدماً على قدم
قال له الضابط : اسمك
الحمار : اسمي حمار
الضابط : كم عمرك ؟؟
الحمار : سنتين ونصف
الضابط : أنت صغير السن ولا زلت قاصر
الحمار : يا أخي لقد بلغت الحلم
الضابط : هل تعرضت إلى أي اضطهاد ضرب اعتقال تهديد ؟؟
الحمار : الضرب نعم ، لكن اعتقال تهديد لا لم أتعرض لذلك
الضابط : هل تنتمي إلى أي حسامحك الله من الأحزاب السياسية ؟
الحمار : لا انتمي إلى أي حسامحك اللهٍ سياسي
الضابط : هل سبق أن نشرت رواية لا أخلاقية تمس الدين والأخلاق ؟
الحمار : أعوذ بالله
الضابط : هل لديك أي انحرافات لا أخلاقية ؟
الحمار : أبداً باستثناء عيني شوي زايغة ، يعني تقز ، بالعربي الفصيح ( تطلق النظر ) تجاه أي إتان مهما تدنت جودة جمالها
الضابط : هل أنت شيوعي ؟
الحمار : لا ، لكن جدي كان شيوعيا
الضابط : هل تتبع أي تنظيم حركي أو حسامحك اللهي ؟
الحمار : لا
الضابط : خلايا عنقودية ؟
الحمار : لا
الضابط : حسناً غداً نعطيك نتيجة الإنتر فيو ( المقابلة )
الحمار : أود أن تعرض قضيتي على قاضٍ مستقل
الضابط : لا حاجة لك بذلك طالما أنت لست مضطهد أو مهدد
عاد الحمار إلى مركز احتجازه وبقي هناك يمني نفسه ويعدها مستقبلاً واعداً مشرقا في أرض الأحلام
في اليوم التالي طلب منه مقابلة ضابط الهجرة المسؤول
دخل على الضابط وحياه ثم جلس
الضابط : بعد أن أجرينا تحرياتنا الدقيقة عنك وعن تاريخك وتاريخ أجدادك وبناء على طبيعة أجوبتك التي ألقيتها أمامنا قررنا عدم منحك حق اللجوء السياسي
الحمار : ( واي ) يا أخي ؟
الضابط : ( بيكوز ) عدم وجود أي خطر يتهددك فلا أنت تتبع تنظيم ولست صاحب حركة راديكالية سياسية ولم تقم بتأليف أي كتاب يزعزع استقرار الدولة ولست مطارد ولا مضطهد إضافة إلى عدم وجود أي مقالات لك فيها تنظيرات سياسية أو فكرية
الحمار : يا حضرة الضابط أنا شيوعي
الضابط : اقلب الشريط ، تحرياتنا تثبت عاتق الله ذلك
الحمار : هل تريد مني أن احلف لك ؟؟
الضابط : لا حاجة لي بحلفك ، أنت مجرد حمار اتق الله ول تركت حظيرتك رغبةً في طلب المتعة والفساد الأخلاقي تطارد الإتانات وتريد من الدولة أن تصرف عليك
الحمار : الشطر الأول صحيح لكن لماذا لا تسألني عن السبب أنا صاحب اطروحات تدعو إلى الإباحية اللاأخلاقية في المجتمع ، وعودتي إلى بلدي تشكل خطراً علي وعلى فكري المتحرر
الضابط : تحرياتنا الخاصة تثبت عاتق الله ذلك ، أنت مجرد حمار
الحمار : أنا حمار مفكر ، لكن هل تعرف من يكون والدي ؟؟
الضابط : لا – ومن يكون ؟
الحمار : والدي كان يكتب شعراً يدعو فيه إلى شيوع العلاقات المحرمة والاختلاط بين الجنسين توفي في لندن من شدة سعاره الجنسي توفي وهو كهلاً واسمه ( نزار قباني على وزن حمار شيطاني )
الضابط : أقول
الحمار : سم
الضابط : كل تبن واقلب وجهك ، وغداً سوف يتم ترحيلك إلى وطنك
الحمار : يا الطيب يا بن الأجواد أنا علماني وخذها قاعدة كل علماني حمار وليس كل حمار علماني
الضابط : عطنا مقفاك وبلاش فلسفة
عاد الحمار إلى مركز احتجازه اتق الله يفا يجرجر قدميه مطأطئ رأسه حزين ، وعندما وصل إلى حظيرته ألقى بنفسه على الفراش واستغرق في النوم
استيقظ بعد سويعات قليلة وقد دبت في أوصاله بوادر النشاط والحيوية ، لقد عزم على أمر خطير ، سوف يهدد رجال الشرطة بأنه سيلقي بنفسه من أعلى المركز منتحراً إذا لم يلبى طلبه فوراً
تمكن الحمار من التسلل خفية حتى وصل إلى السلالم التي تؤدي إلى أعلى مركز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي ، صعد السلالم ووصل إلى سطح البناء ، ثم اخترق الشرفة ووقف عليها وبدأ بالنهيق
تجمع حراس المركز أسفل البناء على إثر هذه الضجة ، وخاطبه كبيرهم أنزل يا حمار
قال له الحمار : إذا اقترب مني أحد فسوف ألقي بنفسي من أعلى
الضابط : انزل وبلا مشاكل ووجع دماغ
الحمار : أريد الصحافة أريد مندوب عن جمعية حقوق الحمير أريد الإذاعة أريد مندوب عن مفوضية شؤون اللاجئين وإلا ؟؟
الضابط : ماهي طلباتك ؟؟
الحمار : أريد حق اللجوء السياسي فأنا شيوعي إباحي علماني
الضابط : طيب ماذا تريد من الصحافة التي طلبتها ؟؟
الحمار : أريد إيصال صوتي إلى العالم ، أريد أن أكشف لهم البؤس والشقاء والتعاسة التي تعيشها المرأة في مجتمعي ، تصدق بالله ؟
الضابط : أنا لا أتدخل في سياسة الدول، شوف يا حمار انزل وتعوذ بالله تراك حمار ما تفهم شيئ وتاريخك يثبت أنك ما تفقه شي يعني ما عندك أي توجه ولا انتماء فكري أو أدبي ، باختصار ما عندك أي سالفة
الحمار : كلامك صحيح ، لكنني أود الحصول على حق اللجوء السياسي حتى أمتع نفسي بملذات الحياة عندكم من إتانات وخمرة وحشيش وكفر وعربدة وقلة أدب ، شوف يا حضرة الضابط فيك من يكتم السر ؟؟
الضابط : خلصني وش تبي ؟
الحمار : أنا علماني عربي والعلماني العربي باختصار ما همه إلا قضاء الوطر وأن يلوغ في أعراض الإناث يروي عطشه ، لا تعتقد أن القضية فكر أو أدب مثل الوالد ( نزار شيطاني ) الوالد نزار كان زير إناث شوف ديوانه
الضابط : خلاصة الكلام انزل وخلينا نحل الموضوع برواقه
الحمار : أبدا أبدا ، الصحافة أو أقتل نفسي
الضابط : صحافة مافيه ، واللي عندك سويه
الحمار : أبرمي نفسي ثم تحرك قليلا يريد أن يهدد ، وأثناء تحركه اختل توازنه ثم فقد السيطرة وزلة به القدم فهوى من شاهق وارتطم بالأرض ( كجلمود صخرٍ حطه السيل من على )
الضابط يحدث نفسه وهو يرى هذا المشهد الميلو درامي: صدق الذي قال
( ولو لبس الحمار ثياب خزٍ- لقال الناس يالك من حمار )
في اليوم التالي نشر خبر صغير في آخر صفحة من صفحات جريدةٍ مغمورة ، انتحار حمار كان يعاني من أمراض نفسية وعقد جنسية خطيرة.
يعيش مع هذا العجوز زوجته الشمطاء ، ذات الشعر الأبيض الجاف ، محدودبة الظهر تستعين بالعصى لكي تتكئ عليها وتمشي ، إضافةً إلى مجموعة ٍ من حيوانات المزرعة
تتكون هذه الحيوانات من مجموعة أغنام ، وبقرتين ، وقن مليء بالدجاج ، وحمارين أحدهما أبيض سمين ، والآخر أسود قصير وضعيف البنية
آوى العجوز إلى فراشه باكراً كعادته دائما ، واستلقت بجواره زوجته العجوز ، وماهي إلا لحظات حتى سمع صوت غطيط العجوز المختلط بشخير الزوجة المتعبة
شكلا الصوتان سيمفونية غريبة من الألحان المرعبة
على يمين البيت غرفة خشبية مطلية بالقار الأسود يقطنها الحمارين المتعبين من عمل النهار كان الحمار الأبيض يلوك بتكاسلٍ برسيماً أخضر مائلاً إلى الصفرة بفعل حرارة الشمس
بينما كان رفيق دربه الحمار الأسود مشغولاً بحك ظهره إلى حائط الغرفة وهو منزعج للغاية متململاً في الحظيرة من التعب والضنك والقرف من صوت شخير العجوزين الذي كان يصل إلى أذنيه فقال مخاطباً رفيق دربه بغيظٍ شديد:
وبعدين مع هذا التعب والقرف ؟
الحمار الأبيض : إيش المشكلة ؟
الحمار الأسود : التعب يا أخي وإزعاج هذا العجوز لنا بالشخير الواحد مو عارف ينام
الحمار الأبيض : احمد الله على النعمة تراك في نعمة
الحمار الأسود : ماقلنا شي بس ماهي عيشة ، وبعدين وين النعمة هذه ؟
الحمار الأبيض : وش فيها عيشتنا نأكل ونشرب ونعمل
الحمار الأسود : يا أخي في أوربا وأمريكا الحمار لا يعمل
الحمار الأبيض : الأخ مثقف ولا شلون ؟
الحمار الأسود : عندهم جمعية لرعاية مصالحهم الخاصة والاهتمام الشخصي بالعلاج والنظافة والطعام بل وتوفير ( أتان ) جميلة جدا لكل حمار
الحمار الأبيض : لا أعتقد أن هذا الكلام صحيح ، البشر لا أمان لهم على الإطلاق وهم المخلوقات الوحيدة التي تقتل لأجل شهوة القتل ، وبعدين إيش قصدك بتوفير إتانٍ لكل حمار هل تدعو إلى إباحية لا أخلاقية ؟
الحمار الأسود : أنت حمار
الحمار الأبيض : احترم نفسك ولا تغلط لو تكرمت
الحمار الأسود : هل تشك أنك حمار يا حمار ؟
الحمار الأبيض : احترم نفسك ولا تغلط رجاء هناك حدود في النقاش لا تتجاوزها
الحمار الأسود : الشرهة مو عليك ، الشرهة على الذي يتبادل معك الآراء الفكرية والسياسية
الحمار الأبيض : الآراء الفكرية ما تكون بالشتم وقلة الأدب يا صاحب الأسلوب الحضاري
الحمار الأسود : شوف يا عزيزي أنا بعد تفكيرٍ عميق حسمت ترددي وقررت أن أغير وضعي إلى الأحسن ، ناوي أهاجر برة إلى أوربا أو أمريكا وفي أسوء الاحتمالات أهاجر إلى استراليا وهناك أحصل على الجنسية وأتزوج والدولة تصرف علي لا شغل ولا مشغلة
الحمار الأبيض : افعل مابدا لك ، لكن تذكر واحفظ عني هذه النصيحة من خرج من داره قل مقداره
مرت على هذه المحاورة عدة أشهر وهاهو الحمار الأسود يقلبها في ذاكرته وهو يمتطي ظهر سفينة أخشاب متجهة إلى دولة استراليا ، كان مسروراً مزهواً بنفسه يشم رائحة البحر المختلطة بأملاح اليود ويقول لنفسه : صحيح أنك حمار أيها الحمار الأبيض ، رضيت بالذل والمهانة والاسترقاق وسوف نرى من فينا الصح ؟
بعد عدة أيامٍ وصلت الباخرة إلى ميناء ملبورن باستراليا ، ونزل ركاب سفينة الأخشاب في مقدمتهم الحمار الأسود ، وما إن وصل إلى موظف الجوازات حتى صاح بأعلى صوته : أطلب حق اللجوء السياسي فأنا مضطهد في بلدي
على الفور تم اقتياد الحمار الأسود إلى المركز الخاص بطالبي اللجوء السياسي حيث أفردت له غرفة أقصد زريبة خاصة وضع فيها حاجياته ، ثم تمطى واسترخى وبدأ يدندن بصوته المنكر
قدم إليه طعام هزيل وأخضع إلى كشفٍ دقيق للتأكد من حالته الصحية والنفسية
في اليوم التالي اقتيد الحمار الأسود إلى مركز التحقيق ، أدخل على الضابط المختص بطلبات الهجرة واللجوء ، سحب الكرسي وجلس عليه واضعاً قدماً على قدم
قال له الضابط : اسمك
الحمار : اسمي حمار
الضابط : كم عمرك ؟؟
الحمار : سنتين ونصف
الضابط : أنت صغير السن ولا زلت قاصر
الحمار : يا أخي لقد بلغت الحلم
الضابط : هل تعرضت إلى أي اضطهاد ضرب اعتقال تهديد ؟؟
الحمار : الضرب نعم ، لكن اعتقال تهديد لا لم أتعرض لذلك
الضابط : هل تنتمي إلى أي حسامحك الله من الأحزاب السياسية ؟
الحمار : لا انتمي إلى أي حسامحك اللهٍ سياسي
الضابط : هل سبق أن نشرت رواية لا أخلاقية تمس الدين والأخلاق ؟
الحمار : أعوذ بالله
الضابط : هل لديك أي انحرافات لا أخلاقية ؟
الحمار : أبداً باستثناء عيني شوي زايغة ، يعني تقز ، بالعربي الفصيح ( تطلق النظر ) تجاه أي إتان مهما تدنت جودة جمالها
الضابط : هل أنت شيوعي ؟
الحمار : لا ، لكن جدي كان شيوعيا
الضابط : هل تتبع أي تنظيم حركي أو حسامحك اللهي ؟
الحمار : لا
الضابط : خلايا عنقودية ؟
الحمار : لا
الضابط : حسناً غداً نعطيك نتيجة الإنتر فيو ( المقابلة )
الحمار : أود أن تعرض قضيتي على قاضٍ مستقل
الضابط : لا حاجة لك بذلك طالما أنت لست مضطهد أو مهدد
عاد الحمار إلى مركز احتجازه وبقي هناك يمني نفسه ويعدها مستقبلاً واعداً مشرقا في أرض الأحلام
في اليوم التالي طلب منه مقابلة ضابط الهجرة المسؤول
دخل على الضابط وحياه ثم جلس
الضابط : بعد أن أجرينا تحرياتنا الدقيقة عنك وعن تاريخك وتاريخ أجدادك وبناء على طبيعة أجوبتك التي ألقيتها أمامنا قررنا عدم منحك حق اللجوء السياسي
الحمار : ( واي ) يا أخي ؟
الضابط : ( بيكوز ) عدم وجود أي خطر يتهددك فلا أنت تتبع تنظيم ولست صاحب حركة راديكالية سياسية ولم تقم بتأليف أي كتاب يزعزع استقرار الدولة ولست مطارد ولا مضطهد إضافة إلى عدم وجود أي مقالات لك فيها تنظيرات سياسية أو فكرية
الحمار : يا حضرة الضابط أنا شيوعي
الضابط : اقلب الشريط ، تحرياتنا تثبت عاتق الله ذلك
الحمار : هل تريد مني أن احلف لك ؟؟
الضابط : لا حاجة لي بحلفك ، أنت مجرد حمار اتق الله ول تركت حظيرتك رغبةً في طلب المتعة والفساد الأخلاقي تطارد الإتانات وتريد من الدولة أن تصرف عليك
الحمار : الشطر الأول صحيح لكن لماذا لا تسألني عن السبب أنا صاحب اطروحات تدعو إلى الإباحية اللاأخلاقية في المجتمع ، وعودتي إلى بلدي تشكل خطراً علي وعلى فكري المتحرر
الضابط : تحرياتنا الخاصة تثبت عاتق الله ذلك ، أنت مجرد حمار
الحمار : أنا حمار مفكر ، لكن هل تعرف من يكون والدي ؟؟
الضابط : لا – ومن يكون ؟
الحمار : والدي كان يكتب شعراً يدعو فيه إلى شيوع العلاقات المحرمة والاختلاط بين الجنسين توفي في لندن من شدة سعاره الجنسي توفي وهو كهلاً واسمه ( نزار قباني على وزن حمار شيطاني )
الضابط : أقول
الحمار : سم
الضابط : كل تبن واقلب وجهك ، وغداً سوف يتم ترحيلك إلى وطنك
الحمار : يا الطيب يا بن الأجواد أنا علماني وخذها قاعدة كل علماني حمار وليس كل حمار علماني
الضابط : عطنا مقفاك وبلاش فلسفة
عاد الحمار إلى مركز احتجازه اتق الله يفا يجرجر قدميه مطأطئ رأسه حزين ، وعندما وصل إلى حظيرته ألقى بنفسه على الفراش واستغرق في النوم
استيقظ بعد سويعات قليلة وقد دبت في أوصاله بوادر النشاط والحيوية ، لقد عزم على أمر خطير ، سوف يهدد رجال الشرطة بأنه سيلقي بنفسه من أعلى المركز منتحراً إذا لم يلبى طلبه فوراً
تمكن الحمار من التسلل خفية حتى وصل إلى السلالم التي تؤدي إلى أعلى مركز احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي ، صعد السلالم ووصل إلى سطح البناء ، ثم اخترق الشرفة ووقف عليها وبدأ بالنهيق
تجمع حراس المركز أسفل البناء على إثر هذه الضجة ، وخاطبه كبيرهم أنزل يا حمار
قال له الحمار : إذا اقترب مني أحد فسوف ألقي بنفسي من أعلى
الضابط : انزل وبلا مشاكل ووجع دماغ
الحمار : أريد الصحافة أريد مندوب عن جمعية حقوق الحمير أريد الإذاعة أريد مندوب عن مفوضية شؤون اللاجئين وإلا ؟؟
الضابط : ماهي طلباتك ؟؟
الحمار : أريد حق اللجوء السياسي فأنا شيوعي إباحي علماني
الضابط : طيب ماذا تريد من الصحافة التي طلبتها ؟؟
الحمار : أريد إيصال صوتي إلى العالم ، أريد أن أكشف لهم البؤس والشقاء والتعاسة التي تعيشها المرأة في مجتمعي ، تصدق بالله ؟
الضابط : أنا لا أتدخل في سياسة الدول، شوف يا حمار انزل وتعوذ بالله تراك حمار ما تفهم شيئ وتاريخك يثبت أنك ما تفقه شي يعني ما عندك أي توجه ولا انتماء فكري أو أدبي ، باختصار ما عندك أي سالفة
الحمار : كلامك صحيح ، لكنني أود الحصول على حق اللجوء السياسي حتى أمتع نفسي بملذات الحياة عندكم من إتانات وخمرة وحشيش وكفر وعربدة وقلة أدب ، شوف يا حضرة الضابط فيك من يكتم السر ؟؟
الضابط : خلصني وش تبي ؟
الحمار : أنا علماني عربي والعلماني العربي باختصار ما همه إلا قضاء الوطر وأن يلوغ في أعراض الإناث يروي عطشه ، لا تعتقد أن القضية فكر أو أدب مثل الوالد ( نزار شيطاني ) الوالد نزار كان زير إناث شوف ديوانه
الضابط : خلاصة الكلام انزل وخلينا نحل الموضوع برواقه
الحمار : أبدا أبدا ، الصحافة أو أقتل نفسي
الضابط : صحافة مافيه ، واللي عندك سويه
الحمار : أبرمي نفسي ثم تحرك قليلا يريد أن يهدد ، وأثناء تحركه اختل توازنه ثم فقد السيطرة وزلة به القدم فهوى من شاهق وارتطم بالأرض ( كجلمود صخرٍ حطه السيل من على )
الضابط يحدث نفسه وهو يرى هذا المشهد الميلو درامي: صدق الذي قال
( ولو لبس الحمار ثياب خزٍ- لقال الناس يالك من حمار )
في اليوم التالي نشر خبر صغير في آخر صفحة من صفحات جريدةٍ مغمورة ، انتحار حمار كان يعاني من أمراض نفسية وعقد جنسية خطيرة.